إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الخميس، 22 سبتمبر 2011

السيرة العطرة للمرحوم/ مصطفى محمود أحمد مقلد


* من مواليد مدينة دنقلا في العام 1934م.
* درس بخلوة الشيخ / محمد صالح الأزهري بإرتدي، ثم التحق بمدرسة دنقلا الأولية 1944م         .   – 1948م، حيث درس بها المرحلة الأولية.
* بدأ دراسة المرحلة الوسطى بمدينة عطبرة وأتمها بالمعهد العلمي بمدينة دنقلا، ودرس فيه على شيوخ أهمهم الشيخ/ علي إسماعيل، والشيخ/ علي الإمام.

*  ثم سافر الفقيد في العام 1952م إلى القاهرة والتحق بالأزهر الشريف ودرس فيه في دار العلوم.
* في تلك الفترة عاد الفقيد إلى السودان ليعمل معلماً بمدرسة الأقباط بمدينة كوستي في العام 1955م.
* ثم قفل راجعاً إلى الأزهر ليواصل دراسته بالأزهر حتى العام 1960م.
* رجع الفقيد إلى السودان في العام 1965م، ليسافر معلماً معاراً إلى الجماهيرية اليبية حتى العام 1971م. وعمل الفقيد بالجماهيرية في مدن "الزاوية" و"طرابلس" العاصمة.
* رجع الفقيد إلى السودان بعدها ليعمل معلماً بالمدارس الثانوية، فعمل بمدرسة الشعب الثانوية بالخرطوم بحري، ثم مدينة كوستي ومنها قفل راجعاً إلى مدينة دنقلا في العام 1979م ليعمل بها معلماً بالمدارس الثانوية. وظل بها حتى وفاته.
* عمل الفقيد موجهاً تربوياً للغة العربية بالمدارس الثانوية بالولاية الشمالية، وعمل مديراً للتعليم للمرحلة الثانوية حتى العام 1992م، ثم انتقل للعمل بالخرطوم لمدة عام واحدٍ ثم أحيل للمعاش الاختياري في العام 1993م.
* التحق الفقيد بالعمل بجامعة دنقلا عضواً بهيئة التدريس بكلية التربية – معلمين في العام 1995م وحتى العام 2006م.

تزوج الفقيد في العام 1966م من السيدة المرحومة/ تاج أبو القاسم عبد اللطيف السيسي، وله منها من الأبناء؛ هشام، عمر، محمد، أحمد، محمود، أبو القاسم، سلوى، سوسن، مها، وأسماء. ثم تزوج بعدها من السيدة/ إلهام صالح العميري، وله منها من الأبناء؛ عبد الله.
*  توفي الفقيد في يوم السبت 30 ربيع الأول 1432هـ الموافق 26 فبراير 2011م.
*  يُذكر للفقيد ويُشكر له جهاده المدني في ساحات العمل النقابي خدمةً للمعلمين، فقد شهدت حياة المرحوم الأستاذ/ مصطفى مقلد نشاطاً نقابياً بين كتلٍ تنظيمية صلبة شكلتها شرائح المعلمين، ودارت معاركها في مضمار نقابات المعلمين، فكان أستاذنا المرحوم على رأس لواء في نقابة "معلمي المرحلة الثانوية" صائلاً جائلاً لا يترك ثغرة لحقوق المعلمين إلا بادر فيها، ولا موقفاً يستدعيه للحق إلا وقفه، خدمةً لزملائه.
* وكما كان للفقيد دوره في العمل الطوعي النقابي فقد كانت له جولة في الجهاد برغم سنه الذي تقدم به يوم ذاك. فقد انخرط الفقيد في كتيبة القيادات بمعسكر الدفاع الشعبي في العام 1992م  بمدينة دنقلا، ولم يكتف بذلك بل سار في لواء تبوك إلى شرق الإستوائية مقاتلاً ومعلماً فقد انضم لمجموعة الدعوة في ذلك المتحرك. نسأل الله أن يتقبله في المجاهدين.
*   عاش رحمه الله خلوقاً ودوداً متواضعاً أحبه أهل بلده وزملائه، وكان موضع تقدير الناس جميعاً.
* ورحل بفضل الله مرضياً عنه، مترحماً عليه، ومخلداَ سيرة عطرة من بعده.
* ألا رحم الله الأستاذ/ مصطفى مقلد وتقبله وأسبغ عليه شآبيب رضوانه.
آمين،،،،،                                         آمين،عليه شآبيب
رك المتحرك.
لهفي عليك كلهفةٍ من خائفٍ يبغي جوارك حين ليس مجيرُ
أمـا القبور فـإنــهنَّ أوانـسٌ بـجـوار قـبرِك والـديـارُ قـبـورُ
عمَّـت فـواضـلُه فـعـمَّ مـُصـابُهُ فـالـنـاسُ فـيـه كلهُم مأجورُ
يُثـنـي عـلـيـك لـسـانُ مـن لـم تـولِهِ خيراً لأنَّك بالثناءِ جديرُ
ردَّت صـنائـعُـهُ إليــه حـيـاتـهَ فـكـأنهَّ مـن نـشـرهـا منشورُ
فـالـناسُ مـأتمـُهـم عـلـيـه واحـدٌ فـي كـل دارٍ رنَّةٌ وزفــيـرُ
عـجـبـاً لأربعِ أذرعٍ فــي خـمـسةٍ في جوفِها جبلٌ أشمُّ كبيرُ

الأحد، 26 يونيو 2011

فوزي خليل يذكر كامل مصطفى


جلست مع الأستاذ فوزي خليل ـ إمام مسجد مصطفى عبد الوهاب بدنقلا ـ فحدثني بشجنٍ عظيم عن الأستاذ الراحل كامل مصطفى، فقال:
(الأستاذ كامل مصطفى عبد المجيد من أوائل الذين عرفتهم في حياتي منذ أن كان ناشئاً في حي السوق بدنقلا، وأول ذكرياتنا حادثة سقوطه في بئر "تفاحة" والتي كانت البئر العذبة الوحيدة في حي السوق حيث كان سكان دنقلا يستقون منها للشرب وسقط بها المرحوم كامل وهو يحاول نشل الماء بالبكارة وهو في السنة الثالثة" أولية".
أستاذ كامل صديق عمري، درس معي كل المراحل التعليمية بدءاً من دنقلا الأولية 1947م، والقولد الأهلية الوسطى 1952م، وافترقنا في المرحلة الثانوية، حيث درس في عطبرة ـ نسبةً لأن أسرته كانت تعيش في مدينة عطبرة، حيث كان والده يعمل نجاراً في السكة حديد ـ ولكن باالرغم من ذلك لم تنقطع صلتنا، حيث كان يقضي إجازاته في مدينة حلفا القديمة مع خالاته، وكنت أنا أعيش مع أسرتي فيها حيث كان يعمل والدي رئيساً لحسابات مجلس ريفي حلفا.
التقينا أيضاً وتزاملنا في بخت الرضا في الفرقة "الدفعة" (23) في عام 1963م وتخصصنا سوياً في نفس المواد(اللغة الانجليزية والعربية والتاريخ). وحضرنا ثورة أكتوبر المجيدة في بخت الرضا وكان المرحوم كامل من أقطاب هذه الثورة وهو الذي قاد مظاهرات كلية المعلمين في مدينة الدويم. وسافر في هذه الثورة إلى الخرطوم.
فاتني أن أقول إن الأخ كامل كان يتمتع بشخصية قيادية تمتلك كل مقومات القيادة والزعامة،  وكان دائما ما يحلحل مشاكل الآخرين، وكانت هذه الأمور تدخله في مشكلات مع المدرسين في المرحلة المتوسطة حينما كان طالباً.
ثم عملنا سوياً في ليبيا وكان يعمل في المنطقة الشرقية، في المدينة التي شنق بها المجاهد عمر المختار مدينة "سلوك". حيث كنت أنا في طرابلس. وكان سفيراً ممتازا للسودان، وكسب محبة وثقة أهل تلك القرية حتى أن أهل القرية كانوا يصرون على أحد أبنائهم ـ وكان عضواً في مجلس قيادة الثورة ـ أن يجدِّد لكامل مصطفى في كل عام ورجع كل زملاؤه بعد أربع سنوات إلا هو فقد ظل أربع سنوات أخرى، وقد اصطحب كل أسرته إلى هناك حيث كانوا يقيمون في منزل كبير بالقرية، حيث كان ذلك الدار محط أنظار أهل القرية الذين أطلقوا عليه "حوش السوادين". وكما عرفت من زملائنا أن أهل هذه القرية كانوا يستشيرون الأستاذ كامل في كل أمورهم ومشكلاتهم.

التقينا مرة أخرى في مدينة عطبرة حيث كنت أعمل معلماً في مدرسة عطبرة الثانوية وكان المرحوم كامل يشغل منصب رئيس اللجان الشعبية بالإقليم الشمالي ـ التي كانت تضم ولايتي الشمالية ونهر النيل.
الأخ كامل كان يحب مدينة دنقلا، وكان يسعى في مساعدة كل زملائه من موقعه السياسي، وأيام أزمة الدقيق كان يحرص على استلام حصة الشمالية كاملة وإرسالها إلى دنقلا في الوقت الذي كانت مدينة عطبرة تعاني من نقص حاد في الخبز.
ومن حرصه على مصلحة مدينة دنقلا أنه كان يجيبني بالرفض ـ لأي طلب أتقدم به إليه باعتباري من أهل دنقلا ـ قائلاً :( أنا ما أحب أشوف أولادنا ما لا قين أستاذ إنجليزي وإنت قاعد في عطبرة بتدرس أولاد نهر النيل وتدخلهم الجامعات، أمشي لينا دنقلا ونحن ما حنخليك تحتاج لي حاجة).
كان رئيساً لنقابة المرحلة المتوسطة لأكثر من دورة وكان مقاتلاً جسوراً لحقوق المعلمين.
بالرغم من كونه كان منتمياً سياسياً لأهل الإنقاذ إلا أنه ما كان يقبل التجاوزات من أي جهة تأتي.

في العام 1992م وفي مدينة دنقلا أخذ بيدي واصطحبني إلى جمعية دنقلا الكبرى "التعاوينية" وقال لهم:( استجيبوا لكل طلب لأستاذ فوزي لأننا لا نريده أن يخرج من مدينة دنقلا لأي سبب).
أستاذ كامل كان معلماً ممتازاً وقد تخرج بتقديرات أكاديمية عالية في اللغتين الإنجليزية والعربية، وكان من المفترض أن يذهب في بعثة إلى إنجلترا حيث كان يختار لها المتقوقون في مادة اللغة الإنجليزية إلا أنه رفض الذهاب لظروف عائلية حيث كان يرعى والدته المريضة).
23 مايو 2011م

السبت، 7 مايو 2011

كلام ناس دنقلا

     غابت عن فضاءات مدينة دنقلا منذ سنوات تلك الطريقة التي كان يتميز بها أهل دنقلا المدينة، والق فإن كثيراً مما كان يميز تلك المدينة اختفى مع الزمان، اختفت تلك الشخصيات الفريدة الشخصية التي كانت متعة الحياة فيها، واختفت الألقاب التي كانت سمة الناس كذلك، فما من اسم إلا واقترن بلقب ولا يُعرف الشخص باسمه أكثر مما يُعرف بلقبه، واخفت الجزارة ذلك المسرح اليومي القائم وسط سوق المدينة، واختفت نداءات "الخدرجية" بائعي الخضار.
      لكن الأكثر فراغاً واختفاءً هي طريقتهم في الكلام، "الجرجرة"، و"الكواريك في الشوارع" والمنادة التي تسبق طرق الأبواب، وتعابير حركات الفم، والعبارات التي ما كنت تسمعها إلا في دنقلا، والقفشات والضحكات العالية، سواءً أعجبت تلك الطريقة أناساً أو لم تعجبهم، كانت تلك ثقافة أهلها في فترة انقضت ولها الحق في أن تُخلد ولو بالمذاكرة المرحة. وفيما يلي بعض تلك الكلمات والعبارات والتي قد لا يفهمها غير أهلها، وتفقد كثيراً من بريقها إن اقترنت بترجمة لمعانيها:

يا خِيْنَا...
يا وَاْ...
يا بِيْ...
أميِّ قالتلِكْ قال...
أبوي قالِّكْ قال...
أصَّكْ ياكْ جَنِّيْت...
أصَّكْ مُشْ تُقُوْلِّي...
جَهْجَهْتُهُولَكْ جَهْجَهَة...
حَاوْطُو....
طب مش تقولي...
أصَّكْ نسيتني ياك..
أصَّكْ مالك عامل كده...
أصُّو إي الْمساخة العليك...
إتلم لحسن آجيك..
كتابَ الله أَلِمَّ فيك ما يِلْقُوك...
تبقى راجل تاجي...
أسكت لحسن يسمعك....
أترب أترب...إدلى....
ياخ ما تروح كده....
فالح يا خوي...
دقيلو الباب....
ماشين على وين....
فرتقلو خشمو....
بخسرك.....
يخرب بيتك...

الجمعة، 29 أبريل 2011

عبد الغني النزهي يحكي عن كامل مصطفى


جلست إلى العم المساعد الطبي سابقاً/ عبد الغني عبد الله إبراهيم محمد النزهي، المعروف بـ"عبد الغني النُزهي" ـ والد عبد الله "الحكم" بدنقلا وأخوانه ـ فحدثني حديثاً شجيَّاً عن الراحل المقيم المربي/ "كامل مصطفى عبد المجيد"، فقال:(
كامل مصطفى عبد المجيد يوسف العدوي، هو سليل جده "يوسف العدوي" الذي قدم السودان من دراوة من جنوب مصر، وتزوج من دنقلا وأنجب ثلاثاً من البنين، هم:
1.  "رشيد" جد آل رشيد بدنقلا.
2.  "رُزِّي" الذي استوطن حلفا القديمة واستقر بها، وهو والد "فيصل رُزي" الذي شغل منصب مدير البوليس في السودان في فترة سابقة.
3.  "عبد المجيد" جد "كامل مصطفى" وله من الأبناء: مصطفى ومحمد ـ وهما أشقاء ووالدتهم من آل الفيومي بدنقلاـ وعبد الله البطري (ووالدته نفيسة محمد الأسيوطي، والدتها من قرية نِلْوَه من السكوت).

أنجب "مصطفى" والد "كامل" أربعاً من البنين وثلاثاً من البنات، هم:
1.  "زكي" وهو أكبر الأبناء، وشغل منصب "النائب العام" في السودان، ومناصب عليا أخرى.
2.  "فؤاد" الضي كان يعمل "مقاولاً"، اشتُهر بأعماله بـ"ليبيا"، واستقر بـ"الحسناب" بين "بربر" و"عطبره".
3.  "كامل" وهو المرحوم صاحب هذه السيرة العطرة.
4.  "عز الدين" استقر بـ"مصر" وعمل فيها طبيباً وتوفي بها.
5.  عطيات.
6.  نعمات.
7.  سعاد.
والدة الأستاذ/ كامل هي السيدة " آمنة محمد شلتوت" والدها من آل شلتوت بـ"مصر"، وأخوالها من كريمة.
·       "كامل" من مواليد 1938م تقريباً، ولد بدنقلا بمنزل يقع غرب منزل "عبد الله البطري" حالياً غرب سوق دنقلا.
·       كان أبوه يعمل نجاراً في ورشة "الأشغال" بدنقلا، ثم انتقل إلى "الورشة الهندسية" بعطبره.
·       درس "كامل" بمدرسة "الأولية" بدنقلا، ثم القولد الوسطى.
·       هو ابن خالي غير الشقيق لوالدتي.
·       وهو يكبرني بعام، وزاملته في المدرسة الأولية التي كانت مقامة في الجزء الجنوبي من "مستشفى دنقلا" سابقاً.
·       كان ودوداً مع أهله جميعاً، ينفقد أحوالهم، ويحل مشاكلهم، ويساعدهم عبر أخيه "زكي"، الذي كان يشغل مناصب عليا في الدولة آنذاك. كان مجاملاً لأهله في أفراحهم وأتراحهم، وكان يسعى في مساعدة أهالي دنقلا. يفتح داره لأهل دنقلا والمناطق المجاورة للسماع لقضاياهم والمساعدة فيها.
·       كان ملازماً للمسجد في أوقات الصلوات.
·       برغم من كوني متزوج من أخته ولكنه بعد وفاتها سعى في زواجي الثاني بمعرفته بمنطقة "شيخ شريف"، حيث زوجني من أستاذة فاضلة عرفها من خلال عمله هناك، وهي الأستاذة/ سميرة عبد القادر أحمد بابتوت، فكانت نعم الزوجة والحمد لله.
·       تزوج "كامل" من "نعيمة خليل نصر خليل" ابنة خالته. "خليل نصر" من أهالي حلفا القديمة، عمل بها "مفتش" في السكة حديد.
·       لـ"كامل" من الأبناء: مجتبى، ومعتصم، ومصطفى، ومحمد، ومنى، ومنال، ومحاسن.
·       من أصدقائه الذين رأيتهم معه: الأساتذة/ عبد الوهاب حسن سعد الدين، وسعد عثمان عبد الدائم، وفؤاد محمد عثمان شيخ، وجمال عثمان دنقلاوي.
كان "كامل" عماد أسرته الكبرى، ثم توفي بـ"كسلا" بعد أدائه لصلاة عيد الفطر إماماً للمصلين، ثم طاف على جيرانه، وأهل الأحياء المختلفة، ثم توفي في منزله بعد ذلك بوقت قصير).


السبت، 23 أبريل 2011

فلنحيي ذكرى عظام بلادنا(المرحوم الأستاذ/ كامل مصطفى عبد المجيد)

لي فكرة وأرجو أن يشترك معي فيها الأوفياء... فلنخلد الذين لهم فضل على بلادنا وأجيالها بالحديث الطيب عنهم. وإني بادءُ هذا المشروع بالحديث مني ومن غيري من كبار بلادي، وأول من أتناول بالذكر الطيب صاحب الفضل والذكر الطيب/ المرحوم الأستاذ كامل مصطفى عبد المجيد
 المرحوم الأستاذ/ كامل مصطفى عبد المجيد في ميادين العمل العام (رئيس اللجنة الشعبية للولاية الشمالية) في استقبال الشهيد/ الزبير محمد صالح (رحمهما الله تعالى)
 المرحوم الأستاذ/ كامل مصطفى عبد المجيد مع بعض أقاربه في "عرينه" منزله بحي النصر بدنقلا الذي شهد أياماً للرجل لا ينساها الرجال
 المرحوم الأستاذ/ كامل مصطفى عبد المجيد مرابطاً في ثغرات التعليم العام

السبت، 26 مارس 2011

"مرثية الأخلاق" في رثاء الشيخ الأستاذ/ مصطفى محمود مقلد

قمرٌ ترجَّل عن سماءِ بلادي             فَنَعَتْـهُ أحرُفُـها لـوَتْـر الـضَّادِ
لمَّا رأيت شَّرى البلِيَّة ناعياً              وخَـنِـيْنَ وجْــدٍ غـائـرٍ وقَّادِ
أيقنتُ أنَّ الخطبَ نال إمامَنا             ما نالَ خطبٌ مثلَـه فـي الـوادي
يا عاثِراً للموت فَرَّ جـناحَه             لـو كـان من مَـدِّ أو استبعــادِ
حتى تَيسَّر للنفوس شرابُهـا             لِفَـحِيْحِ خَـطْبِ الدهـر والإجهـاد
يا حُجْبَ أستارِ المنونِ حجبتِهِ           غيَّـبـتِ طـودَ العلمِ والإرشــادِ
يا حُجْبَ أستارِ المنونِ حجبتِهِ           غيَّـبـتِ عُـدَّتَـنا ليـومِ جهــادِ
يا حُجْبَ أستارِ المنونِ حجبتِهِ           نـال البـِلى عـرَّابـة "الـعـقَّادِ"
يا حُجْبَ أستارِ المنونِ حجبتِهِ           فـحجـبتِ بُـلـبُـلَ شِعرِنا الغرَّادِ
يا حُجْبَ أستارِ المنونِ حجبتِهِ           لم تـرعِ وجـداً غـار فـي الأكبادِ
يا "مقلد" الصدقِ الذي لا تنجلي          ذكـراه مـن وَهْدٍ ومـن أَنـجـادِ
يا "مقلد" الأدب الرصين إذا حدا         بالمَـكْرُماتِ فنعـم أنـت الحـادي
يا "مقلد" الـطِـيْـبِ الـذي من حلمه   عـصـم النـفـوس الشُمَّ من أحقاد
يا "مقلد" التاريخ يصنع مجده            فـي زهْـوِهِ فـخراً مـن الأمجـاد
يا "مقلد" الإسلام في آياتِـه             إِذْ مـا تُـضيء سـريـرةَ العُبَّـادِ
يا "مقلد" "التوحيد" في أركانه            إِذْ مـا يُـطـهِّرُ نِـحْلَةَ الإلـحـادِ
يا "مقلد" "التشريع" في أحكامه           فَيُبِيـْنُ مُشْتَبِـهـاً عـلـى الـرُوَّادِ
يا "مقلد" "الصَرْفِ" العصيِّ على النُّهى   يا "مقلـد" الفِكْـر الرصين الهادي
يا "مقلد" الشعرِ العذيب تَرَنُّماً            وخـبـيـرَ أَبْـحُرِهِ مـن الـنُّقَّـادِ
يا "مقلد" "النحوِ" الذي لا ينثني           عـن فَـلِّ لحـنٍ غـائـرٍ أو بادي
يا "مقلد" السودان في أخلاقه            عَـفْـوُ الحـديـثِ ومِنْحـةُ الجُوَّادِ
يا "مقلد" السودان في أجياله             كـرمُ الـولـيدِ وصالـحُ الأجـدادِ
يا "مقلد" السودان في ألحانه             رجـعُ الحـنين بكـلِ فـاهٍ شـادي
قال الخليُّ معاتباً في نَعْيِهِ               أخلفتَ وعـدَكَ فـي نَـعِيْ الأفـرادِ
ما كان "مقلد" واحداً في قومه           لـكنَّـه بـالقـوم فــي التِّـعْـدَادِ
يا لـهف قبرٍ ضمَّ نور فؤاده           ضـاقـت عـليه صـحائفي ومدادي
يـا رُزْء أمثالي بفقد مِثَـالِهِ            وأنـا الـخـبـير بِنـِحْـلَـةِ النُّجَّادِ
رُحماك ربي الْهمَّ في أوصالنا           مـن فُـرْقَةٍ تـجلو بـصبـر فـؤادِ
واغدِق برحمتك العريضةِ روحه         في الـغابـرين بـروضة الأَلحـادِ
واْرحم إالهي شيخنا في حشْرِهِ           أنت الـرجاءُ لغُبْنِ يــومِ تَنَـــادِ

            محمود محمد أحمد علي:    "دنقلا – كلية التربية/معلمين" 14مارس2011م

الجمعة، 18 مارس 2011

في ذمة الله أستاذ/ مصطفى محمود مقلد

رحل قل أيام معدودة أستاذ الأجيال مصطفى محمود مقلد مخلفاً تاريخاً وحياة حافلة بالعطاء مضمخة بالعشرة النبيلة.
فقد السودان به وفقدت مدينة دنقلا وفقدت "الضاد" إنساناً بقامة الجبال وذهب الأثقال
رحل وهو في السبعين من عقود حيلته والثلاثين من فتوة قلبه والأربعين من الأمل في الله عز وجل ( حتى إذا بلغ أشدَّه...)
ما عرف الرجلَ أحدٌ إلا وعشق معه العلم والمعرفة والمروءة وحسن الرأي وعرف فوق كل هذا ـ وهو الأهم ـ همة الرجال...
"والصمت أبلغُ أحياناً من الكلمِ"
إنا لله وإنا إليه راجعون


الاثنين، 7 مارس 2011

في تشييع جنوب السودان ... مشاعر ووجدان

من صدف الزمان، أو دورته كما عبَّر الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله:( إن الزمان قد استدار  كهيئته)، أن يقع انفصال السودان بذات الطريقة التي جرى بها استقلال السودان (الوطن الواحد)، وذلك من حيث المواقف السياسية للفرقاء في المضمار السياسي.
       ولتوضيح هذه الخاطرة فلنلتفت للوراء إلى حقبة استقلال السودان لنرى السودانيين فريقين أو حزبين ـ كنا كأمريكا...فتطورنا ـ أما الأول فكان يرفع شعار (السودان للسودانيين)، وهو الحزب الموالي لحكم الإنجليز يوم ذاك، فقد ارتضى "الجمعية التشريعية" التي فرضها الإنجليز يوم ذاك كـ"خارطة طريق" لتأهيل السودانيين سياسياً لحكمٍ ما. وقد كان حزب الأمة ـ صاحب الشعار ـ يرمز ذلك لرفض العودة للتاج المصري، وهو جزء من معركة حزب "سعد زغلول" في مصر ضد الإنجليز، وقد كانت حجة الزعيم/ عبد الرحمن المهدي يوم ذاك من باب المثل السوداني الجاري( المال تلتوـ أي ثُلُثُه ـ ولا كَتِلْتُو؛ أي ضياعه)، ونُقل عنه القول:( إذا عندك عند زول دين ورفض إلا يديك نصو أُخدو وطالب بالنص التاني، وما ترفض النص الأول) .
       أما فريق المعارضة، وهي حزب الرفض لمقترحات الإنجليز فكان شعار منظِّره الأزهري:( سنرفضها ولو جاءت مبرأةً من كل عيب)، وهو في ذلك يرمز للوحدة الاجتماعية قبل السياسية والاقتصادية بين السودان ومصر (شطري وادي النيل).
لكن الأمر يبدو وكأنه حرب شعارات بين الفريقين. فلا الأول صدقَ في موقفه في "سودنة السودان"، ولا الثاني كان للإنجليز عدواً مبيناً. إذ تبدلت المواقف في أقل من عقدٍ ـ منذ عام إنشاء الجمعية التشريعية 1948م ـ لنرى في العام 1956م جمعيةً تشريعيةً تضم الفريقين، أما الذي كان ظهيراً للإنجليز بالأمس فهو اليوم يتحمس لاستقلال السودان بانفعال يتجاوز "خارطة الطريق" لإعلانه من داخل البرلمان، وأما الثاني عدو الإنجليز ـ ظاهراً ـ فهو غير مرتاح لذلك ولو لكونه كسباً سياسياً للأول لن يدعمه هو على أي حال......واستقل السودان من داخل البرلمان كما شاءت الأقدار.
لم يُعلن الجنوبيون "الاستقلال" من "داخل البرلمان" ولكنهم مضوْا في خارطة الطريق التي أعدت لهم من حكومة الشمال حسب "وصفة نيفاشا"، فيالِدورة الزمان...
"ثم ضاع الأمس منا وانطوت في القلب حسرة"... لكل سوداني عمل في القوات المسلحة، أو قوات الشرطة، أو معلماً قبل حقبة الثمانينات ـ فترة توقف "النقليات" القطرية ـ أو تاجراً، أو موظفاً قضت عليه قوانيين الخدمة بالعمل في الجنوب...لكل أولئك وجدانيات غُرست وترعرعت في أرض الجنوب "كان جنوبياً هواها"، وصارت دفئاً في حناياهم ينزوون إليها في لحظات وأخرى، وعلاقات اجتماعية لا تنفصم بالقرارات السياسية من هذه الشاكلة الشائهة في كل فكر...
لم يُحسب لهذا حساب في صراع الفيلة من حكام السودان، ولم يرد في حساب "مؤخر الصداق" إلا البترول وشرايينه، أو "الجرورة" السابقة في أيام "النغنغة" و"البهرجة" و"المهرجانات"...
( فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ)