إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الخميس، 1 أغسطس 2013

الثورة المصرية: سجال "المدافعة" في العالم الإسلامي واستفزاز العلمانيين

تجدد الثورة المصرية في الإسلاميين في العالم الإسلامي رياح الاستعداد والتهيؤ لجولات المدافعة التي لا تكاد تفرغ منها من جولة حتى تجد نفسها أمام تحدٍّ جديد فيها، وتلك لعمري بشارة لهم أنهم على الطريق الجاد الذي أمروا به       الشرح: ٧ ...
لا يبدو أن الإسلاميين المصرين كانوا على جاهزية لما تقتضيه سنن المدافعة ـ وذلك على أقل تقدير في الاختبار الماثل ـ وقد يكلفهم ذلك الكثير الذي ذاقوه من قبل من الملاحقات الأمنية والقضائية والقتيل والتشريد والسجون وغير ذلك مما ألفوا من قبل ولم يعرفوا، وذلك لا يجوز في حق المسلم الذي قال عنه المصطفى صلى الله عليه وسلم: (لا يلدغ  مؤمن من جحر مرتين).
كما يبدو أن طرق التعامل مع الوضع الجديد في مصر محصورة جداً، لكنها واعدة لهم كذلك أكثر مما هي لغيرهم ... فرهان الشارع لهم لا لغيرهم، فغيرهم لا يطعم الشارع ولا يسقيه إلا الأماني الجوفاء                                            الرعد: ١٤ .. أما هم فإنهم (يقرءون الضيف، ويكسبون المعدوم، ويصلون الرحم، ويعينون على نوائب الدهر)، فأي الفريقين أحق بالشارع.. وعجباً أن يعيب العلمانيون ذلك السلوك ويصفوه بالمتاجرة غير الأخلاقية؟! ففيم إذن سعيهم إن لم يكن لهذه القضايا؟ بل هم يدركون أن هذا هو مضمار السباق لكنهم يستعملون سلاحهم القديم "الاستفزاز"                                                الإسراء: ٦٤، لكن الأخطر من ذلك أن هذا السلاح لا ينبغي أن ينطلي على الإسلاميين فيخرجهم عن هدفهم أو جادة طريقهم إلى "الخطاريف" أو "الخرط" المزعومة، وينبغي أن يعوا أن الطريق نحو "التمكين" معلوم ومطروق ممن سبقهم فلا يتنكبوه، وكل ذلك مسطور في الكتاب:
                                                                                                                                                  ﯿ                                                                    الإسراء: ٧١ -٧٧
قلوب المسلمين أو الإسلاميين كلها مع مصر الإسلام لا مصر العلمانية والتبعية وأنظارهم إليها وأياديهم وأرواحهم لها ... حفظ الله مصر.

السبت، 20 يوليو 2013

العلمانيون والثورة المصرية ... "الحلم العربي وين"

    الحق لله وللتاريخ نقول إن حركة الأخوان المسلمين في مصر ـ والتي نختلف معها نحن في السودان في كثير من تقديرات العمل العام ـ قد ظنت خيراً في العلمانيين وذاقت مرارة حسن الظن، و"لا مجال لحسن الظن في العمل العام ولو مع الإسلاميين" هذا ما علمتنا له الأيام.
    جاء المرشد العام لحركة الإخوان المسلمين المصرية يومها ـ مصطفى مشهور ـ زائراً للسودان، وذلك عقب انقلاب ثورة 30 يونيو 1989م والذي قاده العميد/ عمر حسن أحمد البشير لصالح الإسلاميين في السودان. وقال المرشد يومها كلمة وقفت كالغصة في حلوقنا نحن الإسلاميين السودانيين، إذ قال: لو كنا نريد أن نستلم السلطة في مصر عبر الانقلاب العسكري لنجحنا في ذلك منذ فترة بعيدة ولكننا لا نؤمن بالحكم عبر الانقلابات. 
    كلنا نظرنا للمرشد يومها نظرة الحاسد المحزون على ما نحن فيه من النصر والتمكين، وذلك قبل أن تفعل بنا الأيام والسنون فعلتها التي استغلت فيها طمعنا في السلطة وتنافسنا فيها ولا رقيب علينا ولا وازع لنا من إيمان ولا معارضة. 
    وحين نجح الأخوان المسلمون في الانتخابات الأخيرة فرحت فرح المحزون على فعلته والنادم على تاريخ ماثل من الفشل في مواقع عدة مع النجاح في أخرى ليس منها المأمول من فكر الإسلاميين الذي أخذنا نردده عهداً طويلاً ونبشر به المستقبل.
    لكنني اليوم بعد انقلاب 30 يونيو في ظل الثورة المصرية أرى أننا في السودان كنا محقين يوم فعلنا فعتنا بعد مذكرة الجيش التي طلب فيها تعديل المسار الديمقراطي لتخرج منه "الجبهة الإسلامية القومية" التي كانت تمثل الإسلاميين في السودان يومها.
    ولكنني لا أتوجه بالشماتة للإخوان المسلمين اليوم بقدر ما ألتفت إلى أولئك العلمانيين العرب الذين لا وجود لهم في الناس فكراً مع اعترافنا لهم بالقدرة على التأليب واستخفاف الناس ثم خذلانهم في العمل، فأقول: ماذا ستفعلون؟ وإلى أين تقودون الناس بعد حكمكم من قبل في مصر واليمن وليبيا والمغرب والجزائر والعراق وغيرها من الدول التي سيطرت عليا فلول العلمانيين دهراً طويلاً ولم يجد المواطن في ظلهم هويةً ولا رفعةً ولا سيادةً ولا قامةً بين الأمم حتى ثارت شعوبها.. "الحلم العربي وين".... دعوا هؤلاء الإسلاميين يجربون دورهم فإن أتوا بخير فلكم ولهم وإن أصابوا شراً فعليهم وتستطيعون أن تشتوا كما يحلوا لكم .... 

الثلاثاء، 16 يوليو 2013

القانون في الثورة المصرية "يخني عجب"

خذلتُ وأنا دارسٌ للقانون في الثورة العراقية وهي تضرب أسوأ المثل في تطبيق القانون، وقد ورثت إحدى أقدم الحضارات ذات التجربة القانونية القديمة، حتى إن البعض من منكري الأديان كان يستند عليها في مماثلتها لأحكام الإسلام الجنائية مشيرين في ذلك لما وجد من آثار قضائية على "حجر رشيد" من "شريعة حامورابي". جاءني ذلك الشعور بالخذلان يوم وقف الرئيس الأسبق للعراق "صدام حسين" في محاكمته الشهيرة على أحداث قرية "الدِّجيل" محتجاً على سخافة إجراءٍ مارستْه المحكمة، وهو سماعها لشهادة شاهد من خلف الحُجُب هو نفسه الذي تقدّم بالادّعاء في ذات القضية، فاستجوبته المحكمة في المرة الثانية باعتباره شاهد اتّهام، فتهكم الرئيس "صدام حسين" على هذا الإجراء. لكن الطامة الكبرى أن رئيس المحكمة أخبره أن هذا هو القانون الذي كان سائداً في عصره، وظن القاضي بذلك أنه أفحم المتهم بهذا الردّ، وما حسب القاضي أن ملايين الناس يتابعون تلك المحاكمة أمثالي ليكونوا شهوداً على الممارسة العراقية للقانون غير آبهين بما خلّفه نظام "صدام حسين" من قوانين.
عادت بي الذاكرة يوم ذاك لأقارن بين المحاكمات التي جرت في صدر ما عُرف بـ"الديمقراطية الثالثة" في السودان وبين هذه المحاكمة التي وصفها وزير العدل الأمريكي الأسبق الذي شهد هذه المحاكمات من داخلها وسجل أسوأ الملاحظات على إفرازات ما كان يُعرف بـ" تحرير أمريكا للعراق" وأماني الديمقراطية للعراقيين. لقد كانت محاكمات "مدبري انقلاب مايو" و" ترحيل الفلاشا إلى إسرائيل" مدرسة في القانون لكل المواطنين، ما اتُخذ فيها من إجراء إلا وكان مبرَراً لكل الأطراف ولكل المتابعين، وبتجرُّد من القضاة وحيدة.
ومما أذكره من تلك الممارسات أن السيد/ عبد العزيز شدو كان مترافعاً عن أحد الأطراف فخرجت إحدى المظاهرات قاصدةً مكتبه وهتفت "مكتب شدو نحن نهدو" اعتراضاً على وقوفه إلى جانب هؤلاء المتهمين "المصوَّرين بأقبح صور المعاداة للشعب"، فما كان من السيد/ شدو إلا أن تقدم بطلب في أول جلسة قادمة طالباً إيقاف المحاكمة حتى يتقدم بطلب لنقابة المحامين مستفسراً فيه عن تكييف ما يقوم به من دفاع عن هؤلاء المتهمين، فاستجابت المحكمة وأجابت النقابة بتثمين ما يقوم به السيد/ شدو من واجب تمليه عليه المهنية الفاضلة والأمانة القانونية، فأخذت في نفسي تلك الممارسة حتى ذكرتها "حين افتُقد البدر".
واليوم تُعيد الثورة المصرية ذات الخيبات في الممارسة السياسية باسم القانون، فأول الصدمات أن يؤدى الرئيس المكلف/ عدلي منصور "اليمين القانونية" حاكماً لمصر إنابةً عن العسكريين بدلاً عن "اليمين الدستورية"، ولعمري ما علمنا أن القانون ينوب عن الدستور في بلدٍ وإلا فما الداعي للدستور أصلاً, وحقيقة الأمر أن الإعلاميين والسياسيين يستعملون التلبيس في تسويق الشرعية الجديدة للرئيس المؤقت، في الوقت الذي أحجم فيه العسكر عن إصدار مرسوم دستوري يحل محل الدستور في مداخيل الوظائف الدستورية على الأقل متواربين بذلك من استحقاق وطني يتحمله من تصدى بمثل جرأتهم لتحمل المسؤولية الوطنية في ظرف ما حسب تقديره. وإلا فإطلاق اليمين القانونية على الدستورية في وقت غاب فيه الدستور إنما هي الخجل من الظهور باللحى في مراقص المجون.
وفي ذات السياق تأتي فرية "الشرعية الثورية" كلباس قانوني للعمل العام .. أليست الثورة غضب وهياج وصياح ونزوحٌ وصراخ .. أيؤسس ذلك لوضع قانوني؟! لقد اختلف القانونيون قديماً في مسألة وهي: هل لتصرفات الغضب أحكاماً؟ وفي ذات السياق تلاطمت فتاوى المسلمين في: طلاق الغضبان، وقتل الغضبان، وغيرها. وأكثرت السنة النبوية من التحذير من الغضب لكونه مدخل شرور كثيرة. أبعد كل هذا تصير للغضب شرعية؟!!!! إنما الشرعية للاتفاق الذي هو العقد الاجتماعي وليس الشارع فالشارع يضم فئات هي أهله وهي غير معنية بالأمور على المستوى الذي نعني...
من المتوقع أن يثير أحد هذا التساؤل: ألم تأتِ "الثورية" بالحكم البائد فكيف لا تنزع عنه الشرعية؟ لكن المستذكر للشأن المصري يذكر أن الشرعية التي أتت بالحكم البائد هي الانتخابات، والذي أتى بالانتخابات تراضي الشعب المصري على تولي القوات المسلحة المصرية للعمل العام لفترة انتقالية والذي أتى بالقوات المسلحة هو تنازل الرئيس الأسبق "محمد السيد حسني مبارك" لها في خطابه المشهور الذي عهد فيه بالحكم للمؤسسة العسكرية. إذن فما كانت الثورية مؤسسة لشرعية أي وضع دستوري في مصر الثورة.
هذا مع العلم بأن الفكر الإسلامي لا يمنع هكذا اسلوب في الحكم أن تتم به "بيعة" لحاكم لكن هذا الجواز ليس هو الأصل الذي يقرره الإسلام لعباد الله، والأصل هو قوله تعالى: (وأمرهم شورى بينهم) وهذا الجواز مشترط ضمناً بألا يتأتى بـ"خلابة" وهي السعي بتدبير المكائد في الاتفاقات بغرض تفشيلها كما جرى في الممارسة المصرية.
هذه الممارسة المصرية الراهنة بعد ثورة 30 يونيو تذكرني بهزلية الفنان المصري/ عادل إمام الذي كان يؤدي دوراً ينتحل فيه شخصية طاهٍ في بعض أفلامه فصنع طعاماً قد استنكره المتذوقون له فأخبرهم أنها وصفة لبعض المجتمعات المتحضرة، فسألوه عن اسمها فقال: إنها "يخني عجب".
الله المسعان وعليه التكلان ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

الاثنين، 15 يوليو 2013

الحالة المصرية ... صراع الشرق الأوسط على الشعارات العلمانية

هكذا ألقى العلمانيون في مصر كل أوراق لعبتهم على طاولة الانقلاب العسكري فقد رأوا فيما يبدو أنها فرصتهم الأخيرة لرد سلسلة الهزائم من "لإسلاميين" في العالم العربي والإسلامي. لكنهم لاهثون في تبرير ما يجري وفي تسميته وفي توفير الشعارات له... تلك هي مواهبهم وإمكانياتهم في العمل العام تلك المواهب التي لم توفر لشعوب المنطقة إلا مزيداً من التأخر والأزمات التي لازمت تلك الشعوب في عصور الأنظمة الحاكمةالتي وجدت الأرضية من العلمانيين العرب كثيراً ولا يستطيع أحد بلا شك أن ينسب تلك الأنظمة لـ"لإسلاميين" بأي حال، حتى حالة الرئيس السوداني الأسبق جعفر النميري الذي أعلن تطبيق "الشريعة الإسلامية" في السودان في أواخر فترة حكمه، لم تستطع القريحة العلمانية إقناع العقلية العربية بـ"أسلمة" نظامه فقنعت بالتشكيك في نواياه بتلك الخطوة وفي وصفها بـ"المتاجرة بالدين".
وعوداً إلى "الحالة المصرية" فهي فارقة في تاريخ هذا الصراع كما أرى وقد لا تكون الأخيرة لأي طرف يقضي بها على الآخر لذلك أرى أنه من المهم تسجيل مظاهر هذه اللحظة للتاريخ وللعبرة ودراسة الذهنية العربية العلمانية في إدارة صراعها مع "الإسلاميين".
سجلت هذه الحالة أول خروج لللياقة المصرية المعهودة في المظهر العام لتصرفات المؤسسات العامة ففي الشهور القريبة السابقة سجل التاريخ خروجاً للرئيس السابق محمد حسني مبارك من الحكم بعد أن أحكمت الجماهير عليه وعلى جيشه الحصار والزحف وحبس العالم أنفاسه وهو يظن أن سيرة شبيهة للزعيم الليبي "القذافي" ستتكرر مع "مبارك" لكن السيرة المصرية هي التي أثبتت وجودها فخرج الرجل بعد أن عهد بالأمر للقوات المسلحة التي عاملته كقائد عام لها فكفلت له الحماية والمحاكمة العادلة ولو في صورة من العدالة. ثم تكررت تلك اللياقة في عصر الجيش برئاسة "المشير/ طنطاوي" الذي أخرج كل سياسته عبر بوابة المحكمة الدستورية التي أظهرت نهجاً في القضاء أشبه بالمزاوجة بين السياسة والقضاء في صالح نظام حكم "حسني مبارك" ذلك في أكثر أحوال المجاملة لها، لكن الجيش ظهر بذلك بصورة لائقة ولو صورياً وحافظ على تلك الصورة بتسليمه السلطة للـ"إخوان المسلمين" تلك اللياقة مزقها العلمانيون في الحالة المصرية الراهنة وخرجوا عليها بزجِّهم للجيش في مواجهات داخلية، بل وتبريرهم للدموية في تلك المواجهة ثم تنظيم الاعتقالات باسم القانون للمعارضين، هذا التصرف غير الذكي في العمل العام من شأنه جعل المؤسسة العسكرية محل تنافس حزبي يخرجها من مناط دورها القومي إلى حيز ضيق من المؤسسية الخاصة بأحزاب وأيدلوجيات وبالتالي تفقد هدفها الأسمى في حماية البلاد، هذا من جهة ومن أخرى فالعلمانيون يفقدون بؤرة وجود تحفظ لهم الدماء في العروق التليدة لأن التطهير القادم سيطال المؤسسات العسكرية من الانقلابيين كما حدث في تركيا بمحاكمة الذين دبروا مثل هذه الانقلابات ولو بعد حين.
سجلت الحالة المصرية الراهنة كذلك فشل المنهج "الغلاطي" العلماني في تصوير ما حدث
- فهو ليس "انقلاباً" ولكنه "استدعاء للجيش" من الشعب صاحب الشرعية؟!!!
- وكيف مارس ذلك "الشعب" تلك الشرعية؟ عبر الخروج إلى الشارع.
- هل تؤسس السلطة الشرعية في الدولة على "الخروج"؟!!! هل الثورة هي السلطة السياسية التي هي ركن الدولة؟!!!
يا بؤس الفكر وسوء الذكر... وهكذا تخرج مصر رويدا من دور القيادة العربية والإسلامية.. فإن دولاً أقل حجماً من مصر مرت بمثل هذه الحالة ولكنها أحسنت الصنيع.
هل يستوعب العلمانيون الدرس أن المجتمعات العربية هي إسلامية بالفطرة وهي بالتالي لا تستبدل الفكر الإسلامي بآخر لا هوية له فتكفّ عن تسويق الشعارات بالبضاعة البائرة فيها مثل "الديمقراطية" و"الدولة المدنية" و"الدستور" وهم من كل ذلك براء..

الخميس، 4 يوليو 2013

نعم لمصر...لا للإخوان المسلمين ..ما جرى لمرسي مهزلة حضارية

* نعم لمصر لأنها تمثل الإسلام ولا يعادلها في ذلك الإخوان المسلمون إذن فلتذهب جماعة الإخوان إلى الجحيم لتبقى مصر...
* ولا يمثل الأزهر الشريف مصر، فللأزهر أدواره التاريخية التي حاول من خلالها نشر الثقافة الإسلامية لكنه آل في التاريخ القريب إلى رمز من رموز الأنظمة السياسية التي ثار عليها الشعب المصري وبدا علماؤه في محل امتعاض كثيرين من العالم الإسلامي لأنه اختصر تمثيله لمصر بل ولنظامها الحاكم. فليذهب الأزهر إلى الجحيم..
* أما الجيش المصري فهاهو يكرر أخطاءه الغبية سياسياً في حكم مصر، فبعد معركة بينه وجماعة الإخوان المسلمين استمرت أكثر من ستين عاماً انتصرت فيها الجماعة بعد حلها وحظرها وتقتيل أفرادها وسجون الظلم خرجت الجماعة على رأس الثائرين أخيراً ضد الجيش الذي استتر متنكراً خلف (نظام حسني مبارك)وكأنما حسني مبارك كان رجلاً مدنياً ولم يأت عبر الجيش، إلا أن الجيش انتهز شعار الثائرين الذين هتفوا بتوحد الجيش والشعب ليتجاوزوا تلك الفترة، طمعاً في تحقيق المطلب العاجل بإسقاط حكم الرئيس مبارك، فانطلت عليهم نتهازية الجيش ليهرب بفعلته التي حكم بها مصر كل تلك الفترة ليلبسها على فرد اسمه (حسني مبارك).
ولم يوفق الجيش كذلك حينما أسند الأمور إلى مشاركين أصلاء في الأزمة ولم يوكلها إلى وسطاء، فكيف يعقل أن توكل الأمور إلى فصيل صغير في المعارضة ورمز غير متفقٍ عليه بينهم..اللهم إلا إن كان الجيش المصري يريد أن يجرب الدخول في تحالف الجيش والعلمانيين الذي تلوك مراراته الشعوب العربية والإسلامية وما قام الربيع العربي إلا في ذلك الوجه، فلم تكن مصر من قبل إسلامية حتى هب فيها الربيع ولم تكن تونس كذلك ولا غيرها من البلدان....
ولنا هنا أن نتساءل أي طريقة سنحكم بها بعد هذا؟؟؟
هل يجب أن تكون دورة الحكم عاماً واحداً مثل اتحادات الطلاب في الجامعات؟؟؟
هل تدار الدولة بمجلسين نيابيين أحدهما اسمه (البرلمان)والآخر (الميدان).
أدى الرئيس المكلف لمصر (اليمين القانونية) ولم يؤدِ (اليمين الدستورية)فهل هذا فقه إنساني جديد؟؟؟
كلّف وزير الدفاع رئيساً للبلاد واستمر هو وزيراً للدفاع..أفي هذا تفسير لقصة البيضة والدجاجة؟؟؟
اللهم سلِّم..

الأربعاء، 27 فبراير 2013

مجالس المرحوم الأستاذ/ مصطفى محمد يس(7) شخصيات في الذاكرة والذكر(1)

لست بصدد الحديث أو الترجمة لعدد من رموز مجتمع مدينة دنقلا من روادٍ للتعليم وسياسيين وغيرهم بقدر ما أنا معنيٌ في هذه السانحة بالتذكير بهم في صدد الذكرى التي لا تفارقني من ذكريات شيخي الراحل/ مصطفى محمد يس رحمه الله تعالى. فما كان مجلسه يخلو من ذكر أحد الفضلاء وإتحاف السامعين لقطفٍ من آثاره وسيرته، على تلك الطريقة الفريدة التي كان يتمتع بها الراحل في نقل الإعجاب، وكانت مداخله للحديث عن الشخصيات جاذبة، فتصديره للكلام بلفظة "أوووه، ده إيه ده" كانت كفيلة بملك الأسماع وشدِّ الانتباه.
وممن سمعت ذكره على لسان الراحل عدد من الأعلام ضمّنت كثيراً منهم مرثيتي التي رثيت فيها الراحل. ولم أستطع في مدونتي إيراد الهامش الذي أترجم فيه لأولئك النفر، فقدّرت أن أشير إليهم هنا، مع ذكرٍ قليل لعل لغيري بهم معرفةً أكثر يوردها تعليقاً.
من أولئك الذين سمعت بهم من شيخي الراحل/ مصطفى محمد يس ذلك الرمز المعروف في مدينة دنقلا باسم "علاّم"، أحد أعلام التعليم المؤسسين، وقد تردد هذا الاسم في فترات باكرة في أسماء الفصول في مدارس دنقلا.
ومن أولئك الأعلام في مدينة دنقلا السيد الشريف الإدريسي رائد الطريقة الإدريسية في السودان، وأولاده المعروفين باسم "الأشراف"، وقد عُرف أكثرهم بالتقوى والورع والكرم، ومقارُّهم مشهور في الولاية الشمالية في أكثر من مدينة منها دارهم الشهير باسم "دار الأدارسة" في مدينة دنقلا.
ومن أولئك الأعلام الذين أكثر الراحل من ذكرِهم شيخُه في طفولته الشيخ/ علي محمد عبد الله المشهور بالشيخ "علي الإمام" هو إمام مسجد دنقلا العتيق، وهو والد البروفسور الراحل/ أحمد علي الإمام. وهو أول من تلقى المرحوم/ مصطفى محمد يس العلم على يديه، وكان كثير الذكر له. ومما أكثر ذكره له معرفته بعلم "النحو"، وكان كثيراً ما يردد مقولةً للشيخ/ صالح الجعفري ـ أحد أعلام مدينة دنقلا الأزهريين :( قلّ من فهم النحو في الأزهر الشريف مثلما فهمه الشيخ/ علي الإمام)، ويروي عنه الراحل الأستاذ/ مصطفى يس نكتةً في الإعراب من إعراب قول الله تعالى: ﭽ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗﭼ. منوِّهاً بالبراعة وسعة الأفق والفلسفة القيِّمة في علم النحو، يقول كلاماً نحو هذا: "تِ" اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفعٍ بالابتداء، والـ"لام" للبُعد، والكاف حرف خطاب لا محل له من الإعراب. "الرسلُ" مبتدأ ثاني مرفوعٌ بالابتداء، وعلامة رفعه الضمةُ الظاهرةُ على آخره. "فضّلنا": فضّل فعلُ ماضٍ مبني على النصب، و"نا" ضميرٌ مبني على السكون في محل رفعٍ فاعلٌ. "بعضَهم": "بعضَ" مفعولٌ به منصوب بالفعل الماضي، والهاء للإشارة والميم للجمع، "على" حرفُ جرٍّ، و"بعضٍ" اسمٌ مجرورٌ بحرف الجر، وشبهُ الجملة من الجارِّ والمجرور لا محل له من الإعراب، والجملة الفعلية في محل رفعٍ خبرٌ للمبتدأ الثاني. والجملة الاسمية من المبتدأ الثاني وخبره خبرٌ للمبتدأ الأول.
وقد توفي الشيخ/ علي الإمام في دنقلا وهو مقبورٌ في مقبرة الشيخ/ منصور بمدينة دنقلا.
ومن أولئك الأعلام الأستاذ المرحوم محمد عثمان الذي اُشتهر بلقب "دُتْشْ"، من قرية "سالي" جنوب دنقلا، أستاذ اللغة العربية بمدارس دنقلا. كان المرحوم/ مصطفى يُكثر ذكره ثناءً على علمه. ومما ذكره عنه تعلُّمَه اسم المكان والزمان من الفعل معتلّ الوسط، نحو: طار، مطار وما فيه من إعلالٍ وإبدال.
ومن أولئك الأعلام عبد الحميد صالح المشهور بـ"البكّاي"، من قرية "كابتود" شمال دنقلا، كان من جُلساء حلقة الشيخ علي الإمام، اشتهر بالبكاء في.حلقة الشيخ حتى ظهر ذلك في أهداب عينيه، وكان المرحوم يُكثر ذكره.
ومن أولئك الأعلام حسن أحمد حامد المشهور بـ"حسن إِحْميْدي" أحد تلاميذ الشيخ علي الإمام وإمام مسجد دنقلا العتيق بعده، كان ضريراً وأبصر بعد كرامةٍ مشهورةٍ عنه. وقد كانت لي به معرفةُ وتلمذةً إذ كان عميداً لكلية الشريعة والقانون التي كنت أدرس بها في جامعة القرآن الكريم، ثم أدمتُ زيارته والجلوس إليه في داره بحي "الصافية" في الخرطوم بحري.
وقد كان رحمه الله تعالى موسوعةً علميةً، يختصر جملةً من المعارف للمتلقي في قولٍ مختصر. ومما أذكره له أني التقيته في أول لقاء لي بأجهزة الجامعة ـ جامعة القرآن الكريم ـ بعد أن توليتُ أول رئاسة لجمعية القانون بكلية الشريعة معرِّفاً بنفسي وبأغراض الجمعية ومعي بعض الأخوة، فلما أخبرته بغرضي تلا علينا أبياتاً من قصيدة لا أذكرها، ثم قال هذا هو باب الجنايات في الفقه الإسلامي اختُصر في أبيات من الشعر. ثم أوصانا بالحرص على العلم. وانصرفنا نحمل منه خير الزاد، نصيحةً ودهشةً ومودة. ثمّ جالسته يحدثني كثيراً عن قرى الولاية الشمالية وأهلها وأسباب التسميات التي لأحيائها.
وقد كان رحمه الله تعالى صاحب كراماتٍ وصلاح ورؤيا صادقة، ومما أذكره له من مواقف أنه جاء زائراً لمدينة دنقلا بعد انقطاعٍ طويل بعد أن كان إمام مسجدها العتيق، وكانت له صداقات فيها وذكرى عطرة مع أهلها، ونزل يوم ذاك في منزل شيخه الشيخ/ علي الإمام بصحبة الراحل البروفسور/ أحمد علي الإمام، فتقاطر الناس عليه ليحيُّوه، فجلستُ أرقبه من قُرب، فما جاء أحدٌ وألقى السلام إلا وردّ عليه باسمه كأنه يراه ـ وهو يومذاك ضرير ـ حتى جاء عبد الناصر صابر عبد الوهاب ـ أحد تجار دنقلا الفضلاء ـ وقد كان أبوه السيد/ صابر عبد الوهاب قد توفي في فترة انقطاع الشيخ عن دنقلا وكان أحد كبار التجار ولزيماً للشيخ/ حسن إحميدي، فألقى عبد الناصر السلام وجلس فردّ عليه سلامه ولم يكر اسمه وصمت برهةً. فقلت في نفسي: إنه لم يعرف عبد الناصر. غير أنه التفت إليه بعد برهةٍ وقال متأثراً: (رأيت أباك في المنام فقال لي: إنك لم تترحّم عليّ. فعلمتُ أن قضاء الله قد وقع). فعلمتُ أنه يعرفه لكنه صمت لوجدٍ أصابه بذكر أبيه صابر عبد الوهاب.
وقد ذكرت السيد/ صابر عبد الوهاب في مرثيتي التي رثيت فيها الشيخ/ مصطفى يس، فقد كان صابر عبد الوهاب السيسي أحد أشهر الذين اشتهروا في دنقلا بالجود والتواضع.
وممن سمعت ذكره على لسان شيخي، الأستاذ الراحل المربي/ كامل مصطفى عبد المجيد رائدٌ من روّاد التعليم في الولاية الشمالية، وزعيم قيادي تقلّد رحمه الله مناصب عليا في حكومة السودان آخرها نائب الوالي في ولاية كسلا بشرق السودان. عمل مديراً بمدارس الولاية الشمالية وزامله فيها المرحوم/ مصطفى محمد يس، وكان يكثر من الثناء عليه.
وقد تشرّفت بالتتلمذ على الأستاذ/ كامل مصطفى إذ كان مدرِّس التاريخ بالمدرسة المتوسطة، وكان يأتي لدروسه في وقت العصر بعد أن رُقّي إلى درجة المُوجِّه، حرصاً منه على العطاء. ومما حفظته عنه من عبارات قوله: ما من حدثٍ حدث في مصر إلا وكان له أثرٌ في السودان. وقد أفردتُّ الأستاذ/ كامل مصطفى ببعض مقالات سبقت بالنشر في مدونتي هذه.
ومن أولئك الأعلام الأستاذ الراحل/ بهاء الدين الشيخ، كان رائداً من روّاد التعليم في الولاية الشمالية، عمل مديراً بمدارس الولاية الشمالية، واشتهر بالحزم والصرامة،كان ضخماً فخماً راقياً في تدريسه، وقد درسنا عليه مادة الرياضيات في الفصل الأول من المرحلة الثانوية، وكان يومذاك موجّهاً للمادة في مكتب التعليم للمدارس المتوسطة، وسبب تدريسه في المرحلة الثانوية يومذاك إضرابٌ قام به الأساتذة المصريون بسبب استحقاقات لهم لم تصلهم، فقلنا له ـ ونحن طلاب له ـ إنّ صنيعكم هذا نعني التدريس بدلاً عن أولئك المصريين ليس أخلاقياً، فقال: (لو نظرنا إلى الأمر مجرّداً أي أن أساتذة يُغطون فراغاً أحدثه زملاؤهم للضغط لكسب حقوقهم فقد يجوز الحكم بعدم أخلاقية ذلك الفعل، لكنّ الأمر هنا ليس مجرّداً لأنه ليس أخلاقياً أن تمتنع عن تدريس طلاب يرتبطون ببرنامج زمني لدراستهم فيضيعون، ومن أجل ذلك لم نرَ لهم عذراً). أنا لم أقف عند الأمر ذاته لكني أُخذتُ بهذا الردّ العميق والاستجابة لتساؤلنا من غير استخفاف أو استنكار وهو لبّ التعليم.

الأحد، 27 يناير 2013

أحمد علي الإمام....جُرحُ الصمت ووجعُ الكلام

وداعاً وداعاً
صفييِّ وخِلِّي
وقطبي وشيخي
وسيفي ودِرعي
وظهري إذا حاصرتني الكروبْ
فذكراك زادي ونجوى فؤادي
وإنْ قدْ رحلتَ وشطّت دروبْ...
فيا نخلةً ما علاها غبارْ
وأعطتْ وجادت بحُلْوِ الثمار...
ويا سِدرةً ظلُّها كالمدى
تمدّد في كل أُفقٍ ودارْ...
ويا منهلاً صافياً ماؤُه
تدفَّق كالأُمنيات الكِبار...
ويا زاهداً زانَه زهدُه
ويا سابحاً في سَنا وَمْضِه
حفيّاً مكبّاً على لوحِه...
نقياً تقيّاً
بصمتٍ رحلتْ
وخلّفت جرحاً
وفي القلب نزفاً
وفي العين دمعاً
أبى أن يكُف...
وكنتُ أُمنِّي بسبْقِكَ مِن هذه الفانيه
لأحظى بسبْحكْ
وأنفاسِ ذكرِكْ
وقرآنِ فجرِكْ
فكمْ قدْ تلوتَ
وكمْ قدْ دعوتَ
لأحبابكَ الخُلَّص الراحلين....
معاً قدْ خطوْنا
معاً قد درجْنا
نَهلْنا معاً من تراث "المسيدْ"
فكنتَ المنار
وكنت المسار
وكنت التقيّ
وكنت النقيّ
وكنت الحليف
لنصْرِ الضعيف
ومن جرّحته القنا والسيوف
ومن شلَّه عادِيَاتُ الزمانْ
فأمسى أسير الضنى والهوان.....
أخي يا أخي
يا صفيِّ الأثير...
رُزِئْتُك وحْدي...
لأنَّك جزءُ حياتي المكمِّلْ
لأنَّك وجْهُ الحياة المجمِّلْ
فقدْ كنتَ خِلِّي ورُكني الرَّكين
وسري وجهري وحصني الأمين
وشُوْرايَ إن حاصرتني الظنون
وسلوايَ إن داهمتني الشجون
وبردَ يقيني
وسيفَ يميني
وعافيتي من عوادي الزمان...
فقدتُّك وحدي
وإن شاركتني عليك الجموعْ
وإن شاركوني بسَكْبِ الدموعْ
وإن شاركتني عليك المنابرْ
وناحتْ وأنَّتْ وأفْشَتْ مآثرْ...
وإن شاركتني جموعُ المساجدْ
وإن كان مثلي مُحِبٌ وساجدْ...
وإن شاركتني عليك "الخلاوَى"
فكمْ قد رعاها
وأحسنَ مِنْ رِفْدِها واصطفاها
فأوْفتْ فتاها... وراعِي خُطاها
و"قِنْديلَها" المتّقدْ مِن تُقاها
فكانتْ عليه دُموعٌ حِرارْ
ومُدْلاتُ ذِكرٍ وأنَّاتُ "طَارْ"...
رحلتَ ولكنْ... بصتٍ رحلتْ
وصوتُك في كل مِصرٍ وشامْ
ومائدةً من لذيذ الكلامْ
تقرِّب آفاقها للأنام...
فأنتَ الأنيسُ ونِعم الجليسُ
وأنتَ الرفيقُ بطول الطريق
وعطرُالمكان وشَيخُ الأوان
وبوحُ الحقول وزهرُ الفصول....
معي حيث كنتُ
وأنّى تلفَّتُ ألقاكَ أنتَ
فأنت الرفيقُ وخِلُّ الطريقِ
وإن باعدتنا صروفُ الزمانْ...
رحلتَ وفي النفسِ بعضُ بقايا
من الأُمنيات التي في الحنايا
وبعضُ شؤونٍ وبعضُ وصايا....
سلامٌ عليك
سلامُ المحبِّ
الوفيِّ الشجيِّ
سلامٌ عليك بدار السلامْ...
مع الرُّكَّع الكُمَّلِ الفائزينْ
مع الأنبياءِ مع المرسلينْ....
سلامٌ عليك سلامٌ عليك
فبعدُك كل الفصول سواءْ
وبعدك كل الحصاد هباءْ
شعر/ محمد علي الإمام