إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الاثنين، 15 يوليو 2013

الحالة المصرية ... صراع الشرق الأوسط على الشعارات العلمانية

هكذا ألقى العلمانيون في مصر كل أوراق لعبتهم على طاولة الانقلاب العسكري فقد رأوا فيما يبدو أنها فرصتهم الأخيرة لرد سلسلة الهزائم من "لإسلاميين" في العالم العربي والإسلامي. لكنهم لاهثون في تبرير ما يجري وفي تسميته وفي توفير الشعارات له... تلك هي مواهبهم وإمكانياتهم في العمل العام تلك المواهب التي لم توفر لشعوب المنطقة إلا مزيداً من التأخر والأزمات التي لازمت تلك الشعوب في عصور الأنظمة الحاكمةالتي وجدت الأرضية من العلمانيين العرب كثيراً ولا يستطيع أحد بلا شك أن ينسب تلك الأنظمة لـ"لإسلاميين" بأي حال، حتى حالة الرئيس السوداني الأسبق جعفر النميري الذي أعلن تطبيق "الشريعة الإسلامية" في السودان في أواخر فترة حكمه، لم تستطع القريحة العلمانية إقناع العقلية العربية بـ"أسلمة" نظامه فقنعت بالتشكيك في نواياه بتلك الخطوة وفي وصفها بـ"المتاجرة بالدين".
وعوداً إلى "الحالة المصرية" فهي فارقة في تاريخ هذا الصراع كما أرى وقد لا تكون الأخيرة لأي طرف يقضي بها على الآخر لذلك أرى أنه من المهم تسجيل مظاهر هذه اللحظة للتاريخ وللعبرة ودراسة الذهنية العربية العلمانية في إدارة صراعها مع "الإسلاميين".
سجلت هذه الحالة أول خروج لللياقة المصرية المعهودة في المظهر العام لتصرفات المؤسسات العامة ففي الشهور القريبة السابقة سجل التاريخ خروجاً للرئيس السابق محمد حسني مبارك من الحكم بعد أن أحكمت الجماهير عليه وعلى جيشه الحصار والزحف وحبس العالم أنفاسه وهو يظن أن سيرة شبيهة للزعيم الليبي "القذافي" ستتكرر مع "مبارك" لكن السيرة المصرية هي التي أثبتت وجودها فخرج الرجل بعد أن عهد بالأمر للقوات المسلحة التي عاملته كقائد عام لها فكفلت له الحماية والمحاكمة العادلة ولو في صورة من العدالة. ثم تكررت تلك اللياقة في عصر الجيش برئاسة "المشير/ طنطاوي" الذي أخرج كل سياسته عبر بوابة المحكمة الدستورية التي أظهرت نهجاً في القضاء أشبه بالمزاوجة بين السياسة والقضاء في صالح نظام حكم "حسني مبارك" ذلك في أكثر أحوال المجاملة لها، لكن الجيش ظهر بذلك بصورة لائقة ولو صورياً وحافظ على تلك الصورة بتسليمه السلطة للـ"إخوان المسلمين" تلك اللياقة مزقها العلمانيون في الحالة المصرية الراهنة وخرجوا عليها بزجِّهم للجيش في مواجهات داخلية، بل وتبريرهم للدموية في تلك المواجهة ثم تنظيم الاعتقالات باسم القانون للمعارضين، هذا التصرف غير الذكي في العمل العام من شأنه جعل المؤسسة العسكرية محل تنافس حزبي يخرجها من مناط دورها القومي إلى حيز ضيق من المؤسسية الخاصة بأحزاب وأيدلوجيات وبالتالي تفقد هدفها الأسمى في حماية البلاد، هذا من جهة ومن أخرى فالعلمانيون يفقدون بؤرة وجود تحفظ لهم الدماء في العروق التليدة لأن التطهير القادم سيطال المؤسسات العسكرية من الانقلابيين كما حدث في تركيا بمحاكمة الذين دبروا مثل هذه الانقلابات ولو بعد حين.
سجلت الحالة المصرية الراهنة كذلك فشل المنهج "الغلاطي" العلماني في تصوير ما حدث
- فهو ليس "انقلاباً" ولكنه "استدعاء للجيش" من الشعب صاحب الشرعية؟!!!
- وكيف مارس ذلك "الشعب" تلك الشرعية؟ عبر الخروج إلى الشارع.
- هل تؤسس السلطة الشرعية في الدولة على "الخروج"؟!!! هل الثورة هي السلطة السياسية التي هي ركن الدولة؟!!!
يا بؤس الفكر وسوء الذكر... وهكذا تخرج مصر رويدا من دور القيادة العربية والإسلامية.. فإن دولاً أقل حجماً من مصر مرت بمثل هذه الحالة ولكنها أحسنت الصنيع.
هل يستوعب العلمانيون الدرس أن المجتمعات العربية هي إسلامية بالفطرة وهي بالتالي لا تستبدل الفكر الإسلامي بآخر لا هوية له فتكفّ عن تسويق الشعارات بالبضاعة البائرة فيها مثل "الديمقراطية" و"الدولة المدنية" و"الدستور" وهم من كل ذلك براء..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق