إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

السبت، 20 يوليو 2013

العلمانيون والثورة المصرية ... "الحلم العربي وين"

    الحق لله وللتاريخ نقول إن حركة الأخوان المسلمين في مصر ـ والتي نختلف معها نحن في السودان في كثير من تقديرات العمل العام ـ قد ظنت خيراً في العلمانيين وذاقت مرارة حسن الظن، و"لا مجال لحسن الظن في العمل العام ولو مع الإسلاميين" هذا ما علمتنا له الأيام.
    جاء المرشد العام لحركة الإخوان المسلمين المصرية يومها ـ مصطفى مشهور ـ زائراً للسودان، وذلك عقب انقلاب ثورة 30 يونيو 1989م والذي قاده العميد/ عمر حسن أحمد البشير لصالح الإسلاميين في السودان. وقال المرشد يومها كلمة وقفت كالغصة في حلوقنا نحن الإسلاميين السودانيين، إذ قال: لو كنا نريد أن نستلم السلطة في مصر عبر الانقلاب العسكري لنجحنا في ذلك منذ فترة بعيدة ولكننا لا نؤمن بالحكم عبر الانقلابات. 
    كلنا نظرنا للمرشد يومها نظرة الحاسد المحزون على ما نحن فيه من النصر والتمكين، وذلك قبل أن تفعل بنا الأيام والسنون فعلتها التي استغلت فيها طمعنا في السلطة وتنافسنا فيها ولا رقيب علينا ولا وازع لنا من إيمان ولا معارضة. 
    وحين نجح الأخوان المسلمون في الانتخابات الأخيرة فرحت فرح المحزون على فعلته والنادم على تاريخ ماثل من الفشل في مواقع عدة مع النجاح في أخرى ليس منها المأمول من فكر الإسلاميين الذي أخذنا نردده عهداً طويلاً ونبشر به المستقبل.
    لكنني اليوم بعد انقلاب 30 يونيو في ظل الثورة المصرية أرى أننا في السودان كنا محقين يوم فعلنا فعتنا بعد مذكرة الجيش التي طلب فيها تعديل المسار الديمقراطي لتخرج منه "الجبهة الإسلامية القومية" التي كانت تمثل الإسلاميين في السودان يومها.
    ولكنني لا أتوجه بالشماتة للإخوان المسلمين اليوم بقدر ما ألتفت إلى أولئك العلمانيين العرب الذين لا وجود لهم في الناس فكراً مع اعترافنا لهم بالقدرة على التأليب واستخفاف الناس ثم خذلانهم في العمل، فأقول: ماذا ستفعلون؟ وإلى أين تقودون الناس بعد حكمكم من قبل في مصر واليمن وليبيا والمغرب والجزائر والعراق وغيرها من الدول التي سيطرت عليا فلول العلمانيين دهراً طويلاً ولم يجد المواطن في ظلهم هويةً ولا رفعةً ولا سيادةً ولا قامةً بين الأمم حتى ثارت شعوبها.. "الحلم العربي وين".... دعوا هؤلاء الإسلاميين يجربون دورهم فإن أتوا بخير فلكم ولهم وإن أصابوا شراً فعليهم وتستطيعون أن تشتوا كما يحلوا لكم .... 

الثلاثاء، 16 يوليو 2013

القانون في الثورة المصرية "يخني عجب"

خذلتُ وأنا دارسٌ للقانون في الثورة العراقية وهي تضرب أسوأ المثل في تطبيق القانون، وقد ورثت إحدى أقدم الحضارات ذات التجربة القانونية القديمة، حتى إن البعض من منكري الأديان كان يستند عليها في مماثلتها لأحكام الإسلام الجنائية مشيرين في ذلك لما وجد من آثار قضائية على "حجر رشيد" من "شريعة حامورابي". جاءني ذلك الشعور بالخذلان يوم وقف الرئيس الأسبق للعراق "صدام حسين" في محاكمته الشهيرة على أحداث قرية "الدِّجيل" محتجاً على سخافة إجراءٍ مارستْه المحكمة، وهو سماعها لشهادة شاهد من خلف الحُجُب هو نفسه الذي تقدّم بالادّعاء في ذات القضية، فاستجوبته المحكمة في المرة الثانية باعتباره شاهد اتّهام، فتهكم الرئيس "صدام حسين" على هذا الإجراء. لكن الطامة الكبرى أن رئيس المحكمة أخبره أن هذا هو القانون الذي كان سائداً في عصره، وظن القاضي بذلك أنه أفحم المتهم بهذا الردّ، وما حسب القاضي أن ملايين الناس يتابعون تلك المحاكمة أمثالي ليكونوا شهوداً على الممارسة العراقية للقانون غير آبهين بما خلّفه نظام "صدام حسين" من قوانين.
عادت بي الذاكرة يوم ذاك لأقارن بين المحاكمات التي جرت في صدر ما عُرف بـ"الديمقراطية الثالثة" في السودان وبين هذه المحاكمة التي وصفها وزير العدل الأمريكي الأسبق الذي شهد هذه المحاكمات من داخلها وسجل أسوأ الملاحظات على إفرازات ما كان يُعرف بـ" تحرير أمريكا للعراق" وأماني الديمقراطية للعراقيين. لقد كانت محاكمات "مدبري انقلاب مايو" و" ترحيل الفلاشا إلى إسرائيل" مدرسة في القانون لكل المواطنين، ما اتُخذ فيها من إجراء إلا وكان مبرَراً لكل الأطراف ولكل المتابعين، وبتجرُّد من القضاة وحيدة.
ومما أذكره من تلك الممارسات أن السيد/ عبد العزيز شدو كان مترافعاً عن أحد الأطراف فخرجت إحدى المظاهرات قاصدةً مكتبه وهتفت "مكتب شدو نحن نهدو" اعتراضاً على وقوفه إلى جانب هؤلاء المتهمين "المصوَّرين بأقبح صور المعاداة للشعب"، فما كان من السيد/ شدو إلا أن تقدم بطلب في أول جلسة قادمة طالباً إيقاف المحاكمة حتى يتقدم بطلب لنقابة المحامين مستفسراً فيه عن تكييف ما يقوم به من دفاع عن هؤلاء المتهمين، فاستجابت المحكمة وأجابت النقابة بتثمين ما يقوم به السيد/ شدو من واجب تمليه عليه المهنية الفاضلة والأمانة القانونية، فأخذت في نفسي تلك الممارسة حتى ذكرتها "حين افتُقد البدر".
واليوم تُعيد الثورة المصرية ذات الخيبات في الممارسة السياسية باسم القانون، فأول الصدمات أن يؤدى الرئيس المكلف/ عدلي منصور "اليمين القانونية" حاكماً لمصر إنابةً عن العسكريين بدلاً عن "اليمين الدستورية"، ولعمري ما علمنا أن القانون ينوب عن الدستور في بلدٍ وإلا فما الداعي للدستور أصلاً, وحقيقة الأمر أن الإعلاميين والسياسيين يستعملون التلبيس في تسويق الشرعية الجديدة للرئيس المؤقت، في الوقت الذي أحجم فيه العسكر عن إصدار مرسوم دستوري يحل محل الدستور في مداخيل الوظائف الدستورية على الأقل متواربين بذلك من استحقاق وطني يتحمله من تصدى بمثل جرأتهم لتحمل المسؤولية الوطنية في ظرف ما حسب تقديره. وإلا فإطلاق اليمين القانونية على الدستورية في وقت غاب فيه الدستور إنما هي الخجل من الظهور باللحى في مراقص المجون.
وفي ذات السياق تأتي فرية "الشرعية الثورية" كلباس قانوني للعمل العام .. أليست الثورة غضب وهياج وصياح ونزوحٌ وصراخ .. أيؤسس ذلك لوضع قانوني؟! لقد اختلف القانونيون قديماً في مسألة وهي: هل لتصرفات الغضب أحكاماً؟ وفي ذات السياق تلاطمت فتاوى المسلمين في: طلاق الغضبان، وقتل الغضبان، وغيرها. وأكثرت السنة النبوية من التحذير من الغضب لكونه مدخل شرور كثيرة. أبعد كل هذا تصير للغضب شرعية؟!!!! إنما الشرعية للاتفاق الذي هو العقد الاجتماعي وليس الشارع فالشارع يضم فئات هي أهله وهي غير معنية بالأمور على المستوى الذي نعني...
من المتوقع أن يثير أحد هذا التساؤل: ألم تأتِ "الثورية" بالحكم البائد فكيف لا تنزع عنه الشرعية؟ لكن المستذكر للشأن المصري يذكر أن الشرعية التي أتت بالحكم البائد هي الانتخابات، والذي أتى بالانتخابات تراضي الشعب المصري على تولي القوات المسلحة المصرية للعمل العام لفترة انتقالية والذي أتى بالقوات المسلحة هو تنازل الرئيس الأسبق "محمد السيد حسني مبارك" لها في خطابه المشهور الذي عهد فيه بالحكم للمؤسسة العسكرية. إذن فما كانت الثورية مؤسسة لشرعية أي وضع دستوري في مصر الثورة.
هذا مع العلم بأن الفكر الإسلامي لا يمنع هكذا اسلوب في الحكم أن تتم به "بيعة" لحاكم لكن هذا الجواز ليس هو الأصل الذي يقرره الإسلام لعباد الله، والأصل هو قوله تعالى: (وأمرهم شورى بينهم) وهذا الجواز مشترط ضمناً بألا يتأتى بـ"خلابة" وهي السعي بتدبير المكائد في الاتفاقات بغرض تفشيلها كما جرى في الممارسة المصرية.
هذه الممارسة المصرية الراهنة بعد ثورة 30 يونيو تذكرني بهزلية الفنان المصري/ عادل إمام الذي كان يؤدي دوراً ينتحل فيه شخصية طاهٍ في بعض أفلامه فصنع طعاماً قد استنكره المتذوقون له فأخبرهم أنها وصفة لبعض المجتمعات المتحضرة، فسألوه عن اسمها فقال: إنها "يخني عجب".
الله المسعان وعليه التكلان ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

الاثنين، 15 يوليو 2013

الحالة المصرية ... صراع الشرق الأوسط على الشعارات العلمانية

هكذا ألقى العلمانيون في مصر كل أوراق لعبتهم على طاولة الانقلاب العسكري فقد رأوا فيما يبدو أنها فرصتهم الأخيرة لرد سلسلة الهزائم من "لإسلاميين" في العالم العربي والإسلامي. لكنهم لاهثون في تبرير ما يجري وفي تسميته وفي توفير الشعارات له... تلك هي مواهبهم وإمكانياتهم في العمل العام تلك المواهب التي لم توفر لشعوب المنطقة إلا مزيداً من التأخر والأزمات التي لازمت تلك الشعوب في عصور الأنظمة الحاكمةالتي وجدت الأرضية من العلمانيين العرب كثيراً ولا يستطيع أحد بلا شك أن ينسب تلك الأنظمة لـ"لإسلاميين" بأي حال، حتى حالة الرئيس السوداني الأسبق جعفر النميري الذي أعلن تطبيق "الشريعة الإسلامية" في السودان في أواخر فترة حكمه، لم تستطع القريحة العلمانية إقناع العقلية العربية بـ"أسلمة" نظامه فقنعت بالتشكيك في نواياه بتلك الخطوة وفي وصفها بـ"المتاجرة بالدين".
وعوداً إلى "الحالة المصرية" فهي فارقة في تاريخ هذا الصراع كما أرى وقد لا تكون الأخيرة لأي طرف يقضي بها على الآخر لذلك أرى أنه من المهم تسجيل مظاهر هذه اللحظة للتاريخ وللعبرة ودراسة الذهنية العربية العلمانية في إدارة صراعها مع "الإسلاميين".
سجلت هذه الحالة أول خروج لللياقة المصرية المعهودة في المظهر العام لتصرفات المؤسسات العامة ففي الشهور القريبة السابقة سجل التاريخ خروجاً للرئيس السابق محمد حسني مبارك من الحكم بعد أن أحكمت الجماهير عليه وعلى جيشه الحصار والزحف وحبس العالم أنفاسه وهو يظن أن سيرة شبيهة للزعيم الليبي "القذافي" ستتكرر مع "مبارك" لكن السيرة المصرية هي التي أثبتت وجودها فخرج الرجل بعد أن عهد بالأمر للقوات المسلحة التي عاملته كقائد عام لها فكفلت له الحماية والمحاكمة العادلة ولو في صورة من العدالة. ثم تكررت تلك اللياقة في عصر الجيش برئاسة "المشير/ طنطاوي" الذي أخرج كل سياسته عبر بوابة المحكمة الدستورية التي أظهرت نهجاً في القضاء أشبه بالمزاوجة بين السياسة والقضاء في صالح نظام حكم "حسني مبارك" ذلك في أكثر أحوال المجاملة لها، لكن الجيش ظهر بذلك بصورة لائقة ولو صورياً وحافظ على تلك الصورة بتسليمه السلطة للـ"إخوان المسلمين" تلك اللياقة مزقها العلمانيون في الحالة المصرية الراهنة وخرجوا عليها بزجِّهم للجيش في مواجهات داخلية، بل وتبريرهم للدموية في تلك المواجهة ثم تنظيم الاعتقالات باسم القانون للمعارضين، هذا التصرف غير الذكي في العمل العام من شأنه جعل المؤسسة العسكرية محل تنافس حزبي يخرجها من مناط دورها القومي إلى حيز ضيق من المؤسسية الخاصة بأحزاب وأيدلوجيات وبالتالي تفقد هدفها الأسمى في حماية البلاد، هذا من جهة ومن أخرى فالعلمانيون يفقدون بؤرة وجود تحفظ لهم الدماء في العروق التليدة لأن التطهير القادم سيطال المؤسسات العسكرية من الانقلابيين كما حدث في تركيا بمحاكمة الذين دبروا مثل هذه الانقلابات ولو بعد حين.
سجلت الحالة المصرية الراهنة كذلك فشل المنهج "الغلاطي" العلماني في تصوير ما حدث
- فهو ليس "انقلاباً" ولكنه "استدعاء للجيش" من الشعب صاحب الشرعية؟!!!
- وكيف مارس ذلك "الشعب" تلك الشرعية؟ عبر الخروج إلى الشارع.
- هل تؤسس السلطة الشرعية في الدولة على "الخروج"؟!!! هل الثورة هي السلطة السياسية التي هي ركن الدولة؟!!!
يا بؤس الفكر وسوء الذكر... وهكذا تخرج مصر رويدا من دور القيادة العربية والإسلامية.. فإن دولاً أقل حجماً من مصر مرت بمثل هذه الحالة ولكنها أحسنت الصنيع.
هل يستوعب العلمانيون الدرس أن المجتمعات العربية هي إسلامية بالفطرة وهي بالتالي لا تستبدل الفكر الإسلامي بآخر لا هوية له فتكفّ عن تسويق الشعارات بالبضاعة البائرة فيها مثل "الديمقراطية" و"الدولة المدنية" و"الدستور" وهم من كل ذلك براء..

الخميس، 4 يوليو 2013

نعم لمصر...لا للإخوان المسلمين ..ما جرى لمرسي مهزلة حضارية

* نعم لمصر لأنها تمثل الإسلام ولا يعادلها في ذلك الإخوان المسلمون إذن فلتذهب جماعة الإخوان إلى الجحيم لتبقى مصر...
* ولا يمثل الأزهر الشريف مصر، فللأزهر أدواره التاريخية التي حاول من خلالها نشر الثقافة الإسلامية لكنه آل في التاريخ القريب إلى رمز من رموز الأنظمة السياسية التي ثار عليها الشعب المصري وبدا علماؤه في محل امتعاض كثيرين من العالم الإسلامي لأنه اختصر تمثيله لمصر بل ولنظامها الحاكم. فليذهب الأزهر إلى الجحيم..
* أما الجيش المصري فهاهو يكرر أخطاءه الغبية سياسياً في حكم مصر، فبعد معركة بينه وجماعة الإخوان المسلمين استمرت أكثر من ستين عاماً انتصرت فيها الجماعة بعد حلها وحظرها وتقتيل أفرادها وسجون الظلم خرجت الجماعة على رأس الثائرين أخيراً ضد الجيش الذي استتر متنكراً خلف (نظام حسني مبارك)وكأنما حسني مبارك كان رجلاً مدنياً ولم يأت عبر الجيش، إلا أن الجيش انتهز شعار الثائرين الذين هتفوا بتوحد الجيش والشعب ليتجاوزوا تلك الفترة، طمعاً في تحقيق المطلب العاجل بإسقاط حكم الرئيس مبارك، فانطلت عليهم نتهازية الجيش ليهرب بفعلته التي حكم بها مصر كل تلك الفترة ليلبسها على فرد اسمه (حسني مبارك).
ولم يوفق الجيش كذلك حينما أسند الأمور إلى مشاركين أصلاء في الأزمة ولم يوكلها إلى وسطاء، فكيف يعقل أن توكل الأمور إلى فصيل صغير في المعارضة ورمز غير متفقٍ عليه بينهم..اللهم إلا إن كان الجيش المصري يريد أن يجرب الدخول في تحالف الجيش والعلمانيين الذي تلوك مراراته الشعوب العربية والإسلامية وما قام الربيع العربي إلا في ذلك الوجه، فلم تكن مصر من قبل إسلامية حتى هب فيها الربيع ولم تكن تونس كذلك ولا غيرها من البلدان....
ولنا هنا أن نتساءل أي طريقة سنحكم بها بعد هذا؟؟؟
هل يجب أن تكون دورة الحكم عاماً واحداً مثل اتحادات الطلاب في الجامعات؟؟؟
هل تدار الدولة بمجلسين نيابيين أحدهما اسمه (البرلمان)والآخر (الميدان).
أدى الرئيس المكلف لمصر (اليمين القانونية) ولم يؤدِ (اليمين الدستورية)فهل هذا فقه إنساني جديد؟؟؟
كلّف وزير الدفاع رئيساً للبلاد واستمر هو وزيراً للدفاع..أفي هذا تفسير لقصة البيضة والدجاجة؟؟؟
اللهم سلِّم..