إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأربعاء، 28 مارس 2012

مجالس المرحوم الأستاذ/مصطفى محمد يس(3) اجترار "مع الأحرار" حديث عن الأدب في دنقلا


من أفكه ما تمتع به سمعي من أستاذي وشيخي الجليل تلك القصص الأدبية الرصينة من سيرة الشاعر السوداني أحمد محمد صالح، سيما ذلك الطرف من زيارة الشاعر إلى دنقلا في أربعينات القرن المنصرم، وقصيدته في تحية زيارة الشاعر المصري علي الجارم إلى السودان وهي في الديوان مترجمة بعنوان:( مجارة لقصيدة الجارم التي مطلعها: صدّقت وعدك بالمنى وصدقت وعدي)، وفيها يقول:
أخلفت يا حسناء وعدي       وجفوتــــني ومنعت رفدي
فينوس يا رمز الجمال         ومتـعــــة الأيــام عــنــدي
لما جلوْكِ على الملا           وتخيَّروا الخُطّابَ بعـــدي
هرعوا إليك جماعةً           وبقيتُ مثل السيف وحدي
أستنجزُ الوعدَ النسيمَ           وأسـألُ الـركبان جهــدي
يا من رأى حسناء تخطر      فــي ثــــيــاب الــلازورد
لو كان زندي وارياً            لتــهـيـبوا كـفـي وزنــدي
أو كان لي ذهب المعز        لأحسـنـوا صـلتـي وودي
لمَّـا تـنـكّر ودُّهـــم             جــــازيتهم صــدّاً بصـدِّ
هـــذي اليراعة في يدي       لــو شئـت كانت ذات حدِّ
                      ___
وفيها:
ملكَ القريض ووارث الحسب المؤثل من معدّ
غرِّد كما شاء البيان           محدّثاً عــــن خيـر عهدِ
أيـــام كان لـــــواؤنا           يجـتـاز من سهــلٍ لوهدِ
واذكر لنا عهد الجدود         وصِفْ لــنــا أيـــام أُحْدِ
                     ___
وفيها:
يا وارث الأدب التليدِ          وبانيَ الأدبِ الأجد
علم شباب الواديين خلائق الرجل الأشد
علمهمو أن الخنوع مذلة والجبن يردي
علمهموا أن الحياة تسير من جزر ومد
علمهموا أن التمسح بالفرنجة غير مجدي
وأَبِنْ لهم أن العروبة ركن إعزاز ومجد
وقد كانت لشيخي الفقيد ملكة إلقاءٍ أخّاذة لمن كان له تذوّق للشعر والأدب.
كما روى لي بإلقاءٍ أخّاذ ملك علي سمعي ووعي ووقع في نفسي موقع موقعاً تلك الأبيات في "نكبة دمشق":
مهلا دمشق فكل طرفٍ باكِ         لما استبيح مع الظلام حماك
جرح العروبة فيك جرحٌ سائلٌ        بكت العروبة كلها لبكاك
جزعت عمان وروعت بغداد         واهتزت ربى صنعاء يوم أساك
وقرأت في الخرطوم آيات الأسى     وسمعت في بيروت أنة شاكي
                                ___
وقصيدته في زيارته مدينة دنقلا:
طاب في دنقلا الغداة مقامي           فذكرت الربيع من أيامي
جئتها يائساً كئيباً معنىً                فشفتني وجددت أحلامي
ذكرتني الشباب إذ أنا          ريّانٌ أجر الذيول بين الخيام
___
وفيها يقول عن أهلها وكرمهم:
أخذوا عن نخيلهم في علاها           عزة النفس وارتفاع الهام
من شيوخ شم العرانين زهرٍ          كالمصابيح رجّحِ الأحلام
وشباب ترجوهمُو للمعالي             في الملمات والأمور الجسام
هم سيوفٌ إذا الخطوب ألمّت وبدورٌ عند اشتداد الظلام
فيهم الشاعر الذي ما علا المنبر      إلا جاء بالإلهام
علّم الطير كيف تشدو في الدوح      وتشدو بأعذب الأنغام
غمروني بفضلهم ونداهم              وأحلوا مع الثريا مقامي
ويسرد الأستاذ لي على ذكر" فيهم الشاعر الذي ما علا المنبر إلا جاء بالإلهام " سيرة العمدة/ حافظ الأمين واسمه "محمد حافظ محمد الأمين"، وهو أحد الذين ضمهم ديوان "شعراء السودان" والشاعر/عبد المجيد وصفى الذي يروي عنه أهل دنقلا أبياتاً في ذم المفتش الإنجليزي الذي لم يجازه على أشعاره فيه فقال:
لو كان شعري شعيراً لاستحسنته الحمير
ولكن شعري شعورٌ فهل للحمير شعور
والأبيات مروية عن غيره ولكن مجالس الظرفاء من المدينة ينسبونها له والله أعلم بالقائل.
. والعمدة حافظ ووصفي من شعراء دنقلا الذين يستحقون حديثاً مطولاً بعد جمع أخبارهم. وقد يذكر تعليقاً بعض آل أبي عوف السنهوري، وأبياته الرائعة التي يقول فيها:
تـَبَدَّتْ كَبَدرِ التـِّمِّ في الحُلـَلِ الخـُضْرِ        مُفكَّكَـة َ الأَزْرَارِ مَحْلـُولـَة َ الشـّعْـرِ
فـَقـُلْتُ لـَهَا:ما الاسمُ ؟ قـَالـتْ:أنا التي       كَوَيْتُ قـُلوبَ العَاشِقينَ على الجَمْرِ
انـا الفِضـَّة ُ البَيْضـاءُ والذهَبُ الـَّذي        يُفـَكُّ بـِهِ المَـأسُـورِ مِـنْ شِدَّةِ الأَسْرِ
فـَقـُلـْتَ لَهـا : إنَّ الصُّـدُودَ أذَابَـنِي           فقالت:أتـَشكُو لِي وقلبيَ مِنْ صَخْرِ؟
فـَقـُلتُ لَهـا : إنْ كَـانَ قـَلبُكِ صَخـْرَة ً        فـَقـد أنْبَـعَ اللهُ الـزُلاَلَ مِـنَ الصَّخـْرِ
رحم الله الأستاذ مصطفى محمد يس ورفع درجاته في المهديين وخلفَ له في عقبه في الغابرين...آمين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق