إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

السبت، 16 سبتمبر 2023

 

ذكريات الأستاذ/ 
عمر عبد العزيز
         و

بدايات التعليم النظامي

   في مدينة دنقلا 
      (3)



وبعد انقشاع الأزمة قررنا نحن الأساتذة ألا نعمل بمدرسة دنقلا الثانوية، وحتى ذلك الحين فقد استمر عملنا بكل تفان في المدرسة، فقد حدث أن أحد أساتذة اللغة الإنجليزية "الخواجات" واسمه "" Mr. Ian ذهب في نزهة إلى "حي كابتود" ولم يعد للمدرسة حتى لم يبق للامتحانات النهائية وقتاً كثيراً، ولم يكمل لهم مقرر الأدب الإنجليزي "Literature"،  وهو كتاب "The Gun" – 218 صفحة - وكانت المادة مقدرة بعدد 28 درجة بالمائة من درجات امتحان اللغة الإنجليزية لـ"Paper3" من الامتحان – فلم تكن مادة الأدب الإنجليزي مادة منفصلة من امتحان اللغة الإنجليزية - لذلك قمت بالتطوع بتدريسها من الباطن بعد استئذان وكيل المدرسة الأستاذ/ عبد المنعم الذي أذن بذلك، وبفضل الله توفقت في توقعات الأسئلة "SPOTTING" فصدق التوقع وكان أن جاء عاشر السودان في تلك الدورة وهو الطالب/ مصطفى بشارة من هذا الفصل الأدبي الذي درس معي هذا الكتاب، وكان أن دخل جامعة الخرطوم كذلك ثلاثة أو أربعة من أولئك الطلاب. وكنت في ذلك العام مشرفاً على الفصل العلمي "أبو الفصل"، وفوجئت أن الطلاب كذلك لم يدرسوا باباً كاملاً هو باب "الكهربية".

جاءت لجنة للتحقيق من "الدامر" في أحداث شغب الطلاب، وكانت اللجنة مكونة من: مولانا/ شاكر علي إسماعيل، والأستاذ/ محجوب علي، والأستاذ/ فوزي جمال الدين. سألني الأستاذ/ عبد المنعم:(  إنتَ حَتْبَلِّغْ عن مِيْنْ مِنْ الطلَّاب؟)، فقلت له:( يا أستاذ عبد المنعم لا يجوز في حقنا أن نعطِّل  نظام الحكم فيُمنعوا من التعليم بسبب ذلك)، فكان رده أن هذا هو ذات الأمر الذي سيفعله، وكان الذي قاد الطلاب الخارجيين في الأحداث د. جمال مرتضى عبده -عميد كلية الهندسة بجامعة الخرطوم فيما بعد- وقاد الطلاب الداخليين د. سيف الدين محمد نور خيري (أخصائي أمراض الكلي) الأشهر بمركز "فضيل" الطبي فيما بعد.                                                                               في العام الدراسي 1966م جاءت تحويلات كثيرة للطلاب لمدرسة دنقلا الثانوية، ولم يكن من المسموح للمدرسة قبول أكثر من أربعين طالباً في الفصل– إلا أني لم أكن أعلم هذا الأمر - وكنت قد تطوعت بالعمل على إجراءات قبول الطلاب "نبطشي"Duty لعدد من الشهور، وكان ذلك على عهد المدير/ عمر الصديق، وذات يومٍ من بدايات

العام الدراسي جاء أحد أعيان الولاية وهو والد السيد/ محمد عثمان الذي صار فيما بعد مديراً لبنك "النيلين" بدنقلا إلى مدير المدرسة طالباً قبول ابنه للدراسة، فاعتذر له المدير/ عمر الصديق بحجة اكتمال العدد المسموح به وهو أربعون طالباً للفصل وقد اكتمل العدد، فخرج والد الطالب كاسف البال، فرأيت منه ذلك وطلبت منه إبقاء ابنه لعلنا نجد له مبرراً للقبول بانسحاب أحد الطلاب أو أمرٍ آخر، فتركه وانصرف، وأكملتُ للطالب إجراءات قبوله (حَتَّىْ يَقْضِيَ اللهُ أَمْرَاً كانَ مَفْعُوْلاً، لكن أحداً من الطلاب لم ينسحب، وصار العدد واحداً وأربعين طالباً في أحد الفصول، ولم أشأ أن يستمر الوضع هكذا بدون علم المدير فأخبرته بتصرفي وأني أتحمل المسؤولية عن هذا التصرف وله أن يرى ما يراه مناسباً ولو أدى ذلك للمحاسبة، وبعد شهور جاءنا إلى المدرسة الأستاذ/ عبد القادر حسن الضو – مساعد وكيل الوزارة للإدارة، وكان أستاذي في مدرسة وادي سيدنا الثانوية – مفتشاً زائراً، وعندما أخبر بالموضوع مازحني قائلاً:(إنت يا أستاذ عمر كنت متعبنا في المدرسة وهسي متعبنا في التدريس)، فقلت له إنه كان بإمكاني إخفاء الأمر والتصرف بغير شفافية في معالجة الأمور، غير أن السيد/ عمر الصديق بذكائه وعبقريته وحنكته الإدارية قام بكتابة خطاب يبرر فيه تصرفي باستغلال ثغرة أن المقعد رقم (41) في الفصل والذي كان من اختصاص الوزير بحيث لا يُسمح بالقبول فيه إلا بأمره، فاختار عمر الصديق أحد الطلاب المحولين إلى المدرسة، وهو الطالب/ بشير زبير محمد إدريس (من شيخ شريف) - والذي يصادف تحويله فترة تولي الأستاذ/ التجاني علي مدير الوزارة آنذاك ومكلفاً بأعباء الوزير حتى تشكيل الحكومة، وقد كان الأستاذ/ التجاني مكلفاً بأعباء الوزير في الترة التي وقعت بين استقالة السيد/ محمد أحمد محجوب من رئاسة مجلس الوزراء 

عبد القادر حسن الضو
وتولي السيد/ الصادق المهدي لها في أول فتراته الرئاسية – وكتب المدير/ خطاباً يوضح فيه أن ذلك الطالب هو الشاغل لمقعد الوزير الذي كمل العدد إلى (41) طالباً، وبذلك
بشير زبير محمد إدريس

رفع الحرج في تجاوز لوائح القبول للفصول الدراسية، وقبل أن يتم إرسال الخطاب مع د. عبد القادر حسن الضو جاء تلغراف إلى المدير من مدير مدرسة كوستي يطلب فيه الموافقة على نقل أحد طلاب مدرسة دنقلا للقبول الجديد إلى مدرسة كوستي بناءً على طلبه، فوافق المدير/ عمر الصديق وبذلك رجع عدد طلاب الفصل إلى العدد القانوني وهو أربعون طالباً فانحل الاشكال تلقائياً.
 في العام 1974م وعلى إثر أحداث إضراب الطلاب قررنا ومدير المدرسة آنذاك الأستاذ/ ساتي علي الحاج والأستاذ/ عبد المنعم إبراهيم عثمان طلب النقل من مدرسة دنقلا الثانوية. 

وصدف أن حضر إلى دنقلا عن الوزارة زميلنا في "بخت الرضا" في الكورس رقم (18) الأستاذ/ عبد العزيز سعد عمر – شقيق السياسي/ أحمد سعد عمر – وكلن قد استُحدث نظام "التأهيل التربوي" للمعلمين حديثاً، فكنت أرغب في الخروج من مدرسة دنقلا الثانوية بأي وسيلةٍ متاحة، وقد وجدت ضالتي في الالتحاق بـ"التأهيل التربوي" مدرباً، وقد كان الأستاذ/ عبد العزيز قد حضر لهذا الغرض، ونزل باستراحة المعلمين رغم

أحمد سعد عمر

إلحاحي عليه بالنزول بداري وهو الأمر الطبيعي، غير أنه صارحني بالسبب بأنه قرر ألا يختارني للعمل بـ"التأهيل التربوي" وقرر اختيار الأساتذة/ فؤاد عثمان شيخ وعبد الوهاب حسن سعد الدين لذلك، وصارحني بأن نقابة المعلمين – وكانت تحت سيطرة الشيوعيين آنذاك – قد روجت لرفض فكرة "التأهيل التربوي" وسط المعلمين، وأنه سيعتمد حتى رسوخ الأمر على المعلمين الذين سبق لهم العمل في هذا المجال، فالأستاذ/ فؤاد 
عثمان  شيخ سبق أن عمل في "بخت الرضا"، والأستاذ/ عبد الوهاب حسن سعد الدين سبق أن عمل في "كلية معلمات مدني". إلا أن الأستاذيين رفضا دعوة أستاذ/ عبد العزيز سعد لسبب غير معروف فلجأ إلي فقبلت  وانتقلت للعمل في "معهد التأهيل التربوي"، وغادرت مدرسة دنقلا الثانوية.                                                                                                                                                                                                                                                                             

أ. فؤاد عثمان شيخ
أ. عبد الوهاب حسن


  

 

   



   

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق